Samira Fkhreldine |
Vease:
عُثر على وعاء خزفي يضم حوالي 6 آلاف قطعة نقدية قديمة بالساحل الشرقي لفنزويلا في أواخر القرن التاسع عشر، معظمها نقودٌ رومانية من القرن الرابع الميلادي، بالإضافة إلى قطع إسلامية تعود إلى القرن الثامن الميلادي. حصل على هذه القطع «بيركلي لويس» الملحق العسكري بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في «فنزويلا» آنذاك. والذي عمل لمؤسسة «سميثسونيان» بواشنطن بعد رحيله عن سفارة «فنزويلا». حيث اعتبر عمله بهذه المؤسسة فرصة جيدة مكنته من عرض النقود التي جلبها معه من «فنزويلا» على صديقه عالم الآثار البحرية «مندل بيترسون».
«مندل بيترسون» يدرس القطع النقدية المكتشفة
المثير في هذا الاكتشاف هو اشتِمَاله على العديد من النقود المتشابهة والمكررة، مما يقلص احتمال تعلُّق الأمر بمجموعة نقدية أثرية مخبأة بعد وصول «كريستوفر كولومبوس». إذ أن المجموعات النقدية الأثرية تتكون من قطع نقدية وحيدة ومنفردة. وبالتالي من المرجح أن يتعلق الأمر بأموال فُقِدَت في حادثة غرق بالساحل الفنزويلي في القرن الثامن الميلادي.
وبالرغم من أن معظم النقود التي عُثر عليها رومانية إلا أن وجود النقود الإسلامية التي تعود للقرن الثامن الميلادي تدفعنا للتفكير بحالة غرق حدثت بعد الفترة الزمنية لصدور أحدث قطعة نقدية اكتُشفت،. وبالتالي فإننا على الأرجح أمام حادث غرق قارب في القرن الثامن أو التاسع الميلادي. ومن المثير أيضا أن من بين كل تلك القطع النقدية التي تبلغ حوالي ستة آلاف قطعة، يوجد القليل من القطع النقدية التي تنتمي لما بعد العصر الروماني.
فمن المتعارف عليه قديمًا أن النقود كانت تستعمل حتى بعد سقوط السلطة التي أصدرتها. وبالتالي فإن النقود الرومانية استمر تداولها من طرف شعوب من مختلف أرجاء البحر الأبيض المتوسط، بالرغم من انهيار الإمبراطورية الرومانية حينذاك.
المسعودي يتحدث عن أمريكا قبل «كولومبوس» بقرون
قام أيضًا عالم الآثار «ثيروس إيرزل غوردون» بدراسة القطع النقدية المكتشفة. أمَّا بخصوص وجود القطع النقدية الإسلامية، فيرى «غوردون» أن الأمر قد يتعلق بأموال مفقودة من قارب أندلسي وصل فنزويلا في القرن التاسع، مستشهدًا بما كتبه عالم الفلك والجغرافيا « أبو الحسن بن علي المسعودي» في هذا السياق، في كتابه «مروج الذهب ومعادن الجوهر»
فقد تحدَّث «المسعودي» في كتابه عن بَحّارٍ مسلم يُدعى «خشخاش بن سعيد بن أسود» يُعتَقد أنه أول من قطع المحيط الأطلسي، وأول من اكتشف أمريكا وعاد منها بحمولاتٍ ثمينةٍ. حيث يُعتقد أنه أبحر لأمريكا في عام 889م، من ميناء ببلدية «بالوس دي لا فرونتيرا» التي تقع في مقاطعة «ولبة» التابعة لمنطقة «أندلوسيا» جنوب إسبانيا، والتي يرتبط تاريخها ارتباطًا وثيقًا بالعمل البحري والاكتشافات الجغرافية، وهو نفس الميناء الذي خرج منه «كريستوف كولومبوس» فيما بعد باتجاه أمريكا.
لكن هل الأمر مجرد صدفة؟ هل كان يعلم «كولومبوس» شيئًا عن هذا الكتاب؟ هل كان يعلم بهذه الرحلة؟ طبقًا لبعض العلماء والمؤرخين فإن كولومبوس وصل إلى أمريكا بعد الاستعانة بخرائط المسعودي. ويعتقد «غوردون» أن «خشخاش بن سعيد» أو على الأرجح أحد أفراد طاقمه قد وصل إلى فنزويلا وفقد القطع النقدية في حادث غرق، ثم اكتُشفت هذه النقود بعد ذلك بقرون.
علاوة على ذلك، في فبراير(شباط) عام 1998، اكتشف عالم الآثار «خورخي دياث» هيكلًا عظميًا لرجل توفي بالجذام في كهف «إيل نرانخو» جنوب مقاطعة «ماتنزاس» بكوبا. الشيء الغريب هو أن ذلك الرجل توفي في القرن التاسع من مرض كان مجهولًا في أمريكا حتى مجيء كولومبوس، ومن هنا تجدر الإشارة إلى تزامن سفر «خشخاش بن سعيد» إلى أمريكا مع واقعة وفاة هذا الشخص بالجذام.
بالأدلة.. «لويزا دي طوليدو» تنفي اكتشاف «كولومبوس» لأمريكا
أما وفقًا لـ «لويزا إيزابيل دي طوليدو» مؤلفة كتاب «إفريقيا مقابل أمريكا»، فإنها تعتقد أن هناك الكثير ممن وصلوا القارة الأمريكية قبل كولومبوس، من بينهم؛ أفارقة، وفينيقيون، وباسكيون، والفايكنج، وأيضًا مسلمون أوروبيون وغيرهم. حيث تعتقد لويزا أن السفر من أندلوسيا والمغرب نحو أمريكا كان من الأمور اليسيرة الخالية من الصعوبات، فكان لا يستغرق إلا حوالي شهر وبضعة أيام في اتجاه فنزويلا. حيث تاجر المسلمون مع سكان أمريكا الأصليين بطريقةٍ سلسة. دون الحاجة إلى الاحتلال أو الاضطهاد أو القمع. واستمرت العلاقات التجارية الإسلامية-الأمريكية طويلًا حتى وصول الأوروبيين، الذين حطموا أفضل ما جاءت به حضارات أمريكا الأصلية تحت راية نصرة الديانة الكاثوليكية.
فيقدم الكتاب نظرية جديدة معاكسة لما تعلمناه في المناهج الدراسية والكتب بخصوص «اكتشاف أمريكا». فتؤكد الكاتبة أن الإسلام كان موجودًا بأمريكا بفضل مسلمي المغرب والأندلس. أما ما قام به كولومبوس لم يكن اكتشافًا، وأمريكا لم تكن عالَمًا جديدًا، ولم تكن رحلاته سوى تتمَّة لخطوةٍ بدأها «ألفونسو العاشر» الملقب بالحكيم أو العالِم. وأن إسبانيا روَّجت لخرافة الرحلات الاستكشافية مع البرتغال بوصفها خطوة لتحقيق استعمار فِعلِي لهذه الأراضي التي كانت معروفة، وبالتالي الاستيلاء على ثرواتها الطبيعية خاصة مناجم الذهب. ولكسب نوع من المصداقية لما تقوم به.
تستند «لويزا» في طرحها على وثائق تاريخية تصفها بالسرية والنادرة، بصفتها المالكة الرئيسية لأرشيف مدينة «سيدونيا» الأرشيف الأكثر أهمية فيما يخص العلاقات الإسبانية – المغربية والتي تبرهن، حسب وصفها على الوجود الإسلامي بأمريكا قُبيل رحلات كولومبوس الاستكشافية. كما تقدم «لويزا» وثائق مثيرة للجدل تتحدث عن تواجد سلع أمريكية بأسواق شبه الجزيرة الأيبيرية منذ عام 1200، وعن تَسَمية بعض المناطق الأمريكية بأسماء معروفة مثل «كارطاخا» قبل الاكتشاف.
بالإضافة إلى طلب كولومبوس مترجمين للغة العربية من الملكة «إيزابيلا» باعتبارها لغة متداولة بالمنطقة. وكذلك رفض صيادو كولومبيا الحالية أداء بعض الضرائب لإسبانيا وذلك بسبب دفعهم ضرائب لشريف فاس وذلك في عهد «فيليب الثاني». كما تؤكد لويزا أن هناك وثائق أخرى مخفية بالبرتغال، وإنجلترا، وإيطاليا. وأنها تعرضت للعديد من الشائعات والتهديدات، والهجوم الصحفي قبل نشرها للكتاب، ولولا تكفُّل المجلس الإسلامي بإسبانيا بنشر الكتاب لما رأى الوجود.
خرائط قديمة توّحي بوجود قارة أخرى وراء «الأطلسي»
إن فكرة وجود قارة أخرى وراء المحيط الأطلسي كانت منتشرة ومعروفة قبل رحلات كولومبوس، خاصة بين أهل الثقافة والعلم. كما يرى «أتيليو فوليريو» أستاذ نظريات العلاقات الاقتصادية الدولية بجامعة فنزويلا البوليفارية العسكرية، أن القارة الأمريكية كانت مرسومة بواسطة العديد من علماء الفلك والجغرافيا، مثل خريطة الجغرافي الألماني «إنريكي مارتيلو» التي تظهر القارة الأمريكية وبعض أنهارها، مثل نهر أورينوكو. إذ ترجع هذه الخريطة لعام 1489، أي قبل انطلاق أول رحلة لـكولومبوس بثلاث سنوات. كما يظهر العالم الجديد في خريطة للعالم الفلكي الإيطالي «باولو توسكانيلي»، وفى خريطة أخرى تعود لعام 1448 لـ«لأندرياس والسبرخير».
أين توجد القطع النقدية المكتشفة حاليا؟
من المفترض أن هذه النقود ما زالت موجودة بأدراج مخازن مؤسسة «سميثسونيان»، ووفقًا لأحد المصادر فإن المؤسسة قد قامت بإعادة القطع الأثرية لصاحبها «بيركلي لويس» بعد دراستها، ومن المتوقع أن تكون هذه النقود من ممتلكات العائلة الآن. بالرغم من ذلك فإن مصير القطع النقدية لا يزال مجهولًا في غياب أي تدخل جاد من المؤسسات الثقافية الفنزويلية.
No hay comentarios :
Publicar un comentario